رواية كواسر اخضعها العشق كاملة بقلم الكاتبه نورهان العشري

موقع أيام نيوز

بسم الله الرحمن الرحيم 
الفصل الأول 
توقف بي قطار الحياة على عتبة الترقب. أتطلع إلى كل ما يحدث حولي بسكون تام يتنافي مع ضجيج قلبي الذي لا يكف عن إرهاق عقلي بتلك التساؤلات المضنية.. 
إلى متى ولماذا علي البقاء هكذا أشاهد فحسب فهل لم أعد أ في التلاشي التي تزداد يوما بعد يوم هي من تعيقني عن المتابعة من حيث وقفت 

الأسئلة تطن بعقلي كالذباب والإجابات تراوغني أو أراوغها لا أدري ولكن من كل قلبي أتمنى لو أستيقظ ذات صباح من نومي أجدني امرأة اخرى مع أشخاص آخرين بزمان ومكان لا يشبهوا أي شيء مما يدور حولي.
نورهان العشري 
تركت القلم من يدها أثر ضجيج الساعة التي تشير إلى الثامنة والنصف موعد استيقاظ طفلها الوحيد إياد والذي بلغ السنة الثالثة من العمر. 
ثلاث سنوات كان هو النور في وسط حياة باهتة لا معنى لها ولا لون.. زهرة حمراء مثمرة وسط حديقة سوداء قاحلة تشبة الچحيم الذي أسود من فرط احتراقه. 
خطت أقدامها بهدوء نحو مخدعه وانحنت تلثم رأسه بحنو سكبته حروفها حين نادته بخفوت
إياد.. صغيري.. هيا استيقظ.
تململ الصغير بين يديها ورفرف برموشه السوداء الكثيفة التي اكتسبها من رجل حمل لقب زوجها لأربع سنوات وحاميها ومربيها لأربع وعشرين سنة!
اصطدمت عينيها بشمس مشرقة أنارت كونها فارتسمت ابتسامة عذبة على شفتيها حين قالت 
وأخيرا استيقظ بطلي الهمام.
ارتسمت ابتسامة جميلة على فم الصغير قبل أن يقول بصوت متحشرج 
صباح الخير يا أمي.
احتوته بنبرتها الحنونة 
صباح الورود يا قلب أمك.. اقترب لأعانقك.
عانقت صغيرها فابتهج قلبها واكتست طرقاته بالورود فوجوده هو الشيء الوحيد الذي يضيء حياتها ويعطي لها معنى.
هيا لنبدل ثياب النوم وننزل سويا لتناول الفطور.
أجل يا أمي.
بعد وقت قصير هبطت الدرج إلى الأسفل وتوجهت إلى غرفة الطعام وما أن خطت قدميها أعتاب الغرفة حتى توقفت إثر نداء والدتها الصارم 
نور
التفتت بصورة شبه آلية لتجد والدتها تقف أمام غرفة المكتب وهي تقول بصرامتها المعتادة 
اتركي إياد لمربيته لتطعمه وتعالي .. أريد الحديث معك في أمر هام.
ابتلعت غصة مريرة تشكلت في حلقها واومأت بصمت قبل أن تلتفت إلى صغيرها بعينين تعانق بهم الحزن والخيبة معا وقالت بنبرة خاڤتة 
ستتناول فطورك مع ملك وسآتي بعدها لنلعب سويا اتفقنا.
الطفل بإذعان 
اتفقنا.
سلمت الطفل إلى مربيته وتوجهت بأقدام متراخية وخطوات مترددة إلى غرفة المكتب وبداخلها تتضرع إلى الله ألا تخوض معركة أخرى مع والدتها فهذا هو المعتاد بينهما 
صباح الخير يا أمي.
هكذا تحدثت نور بلهجة رسمية وملامح جامدة تشبه ملامح فريال التي قالت ببرود كان أكثر ما يميزها 
صباح النور.. اجلسي لدينا ما نتحدث به.
أطاعتها بصمت دام لثوان قبل أن تقول فريال بصوت جامد 
لم لم تطلعيني على قرارك بشأن ما تحدثنا به قبل أسبوعين
انكمشت ملامحها بحيرة تجلت في نبرتها حين قالت 
عن أي قرار تتحدثين لا أتذكر شيئا
فريال بحدة طفيفة
لا تتغابي يا نور.. تعلمين تحديدا ما أتحدث عنه.
خبأت الهواء الحارق بصدرها وواصلت جمودها حين قالت 
لا أتغابى يا أمي ولكن حقا لا أعرف عما تتحدثين
فريال بنفاذ صبر 
عن الزواج.. تحديدا زواجك!
ألقت الكلمة بوجهها الذي امتقع لثوان قبل أن تحاول السيطرة على ملامحها ونبرة صوتها حين قالت بجمود 
عذرا يا أمي ولكننا أغلقنا هذا الموضوع في يومه. لذا لم أتوقع أن تسأليني عنه الآن 
فريال بجفاء
لم نغلقه ولن نغلقه فأنا أعطيتك فرصة للتفكير واليوم أريد أن أعرف قرارك.
تجاهلت جفاءها وتابعت بهدوء 
حسنا إن لم أوضح قراري يومها بالشكل المطلوب فسأخبرك الآن جوابي هو لا.. لن أتزوج مرة ثانية.
زفرت فريال بحنق تجلى في نبرتها حين قالت 
سأعيد كلماتي لك مرة أخرى أنت ما زلت شابة صغيرة لا يمكنك البقاء هكذا للأبد.
استفهام مرير خرج من فمها مرورا بقلبها 
لم
فريال بحدة 
لأن هذا أمر مرفوض و ضد الطبيعة كل امرأة تحتاج إلى رجل وخاصة إن كانت جميلة ومثقفة وذات أصل وثراء مثلك.
ابتسامة ساخرة شوهت ملامحها الجميلة التي يقطر منها الڠضب والحزن
من المفترض أن يشعر المرء بالفرح من
تلك المميزات التي ذكرتها ولكن في حالتي أنا فأنا أمقتها لكونها ستجعلني أخضع لقرارت عائلتي الظالمة مرة أخرى.
هبت فريال من مقعدها غاضبة وصاحت بإستنكار 
قراراتنا الظالمة عن أي ظلم تتحدثين!
اندفعت أبخرة الڠضب إلى عقلها وبلغ السيل الزبى فهبت من مقعدها تصيح پغضب دون الانتباه إلى نبرتها التي تعدت حدود المسموح به 
الكثير من الظلم. ظلمكم لي حين أجبرتموني على التنازل عن حلمي بالالتحاق بكلية الفنون الجميلة وممارسة هوايتي المفضلة بحجة أن الأمر لا يتناسب مع عائلتنا ولا مستواها الرفيع وإجباري على الالتحاق بكلية الهندسة لأشرف عائلتكم النبيلة .. ظلمكم لي بحبسي في هذا المنزل لسنوات وحرماني من الاستمتاع بحياتي بحجة أن قواعد عائلتكم الراقية لا تسمح لنا بالاندماج وسط باقي البشر.. ظلمكم لي حين أجبرتموني على الزواج وأنا بعمر العشرين من رجل لم أكن أخشى بحياتي سواه بحجة أنه ابن عمي
 

تم نسخ الرابط