رواية جاسر الجديدة المشوقة

رواية جاسر الجديدة المشوقة

موقع أيام نيوز


لها سالي
مش عشان كده ده الصح من الأول كان الغلط عليا إني وافقت تنهدت أمها وربتت على كفها
وبتعيطي ليه طيب عشان ما ابتعلمش قالتها هامسة وأردفت پغضب وهي تسترجع الأحداث القريبة لتلك الليلة
غبية وضعيفة ومهما أعمل هيفضل ماسكني من إيدي اللي بتوجعني تأملتها أمها مليا حتى قالت
وهتعملي إيه هيا الدنيا كده والطلاق عمره ماكان حل سهل وأديکي جربتي ظلت صامتة لفترة ليست بالقصيرة ثم مسحت دموعها بقوة ونفضت عنها رداء الخزي خزي المشاعر الإجبارية خزي الأفكار والذكريات الچارحة ونظرت لأمها وقالت بهدوء

جربت لكن هو لسه ومش هرجع بالسهولة دي غير لما يجرب ويعرف ويدوق الۏجع اللي اتوجعته عشان يحرم يوجعني تاني لا تعلم كيف انقضت ليلتها ولا تعلم كيف قامت من فراشها الأشعث وبدلت ملابسها وتناولت فطورها بشهية غائبة ولكنها تعلم جيدا خطوات طريقها الذي أتخذته نحو المركز الهادیء في تلك الساعة المبكرة من النهار لملمت أشيائها القليلة وودعت طاقم التمريض ووقفت لبضعة ثوان أمام مكتبه حتى أخبرتها إحداهن أنه لم يظهر بعد فدلفت للحجرة الهادئة وهي تحمل خيبة أمل عظمي فهو كان يستحق وداعا لائقا بكل ماقدمه لها من مساعدة خطت بضعة كلمات لا تغني ولا تداوي غير أنها عرفان بالجميل ستحمله معها حتى آخر العمر وتركتها مغلفة بمظروف أبيض على سطح مكتبه المرتب وبعدها أتجهت للمركز الخيري وتفاجئت عندما أبصرته يقف مع أحد العمال يملي عليه بعض الأوامر فاحمرت وجنتيها بحرج بالغ وتقدم هو منها بطلة هادئة وقال بلطفه المميز
أنا جيت أخلص شوية حاجات بسيطة وسيبت على المكتب جوه کشف بأسامي الدكاترة المتطوعين وفلاشة عليها كل الملاحظات وكشوفات الحساب فهزت رأسها ومنعت دموعها من السقوط أمامه قائلة بصوت متحشرج
وأنا روحتلك المركز من شوية مالقتكش سيبتلك جواب ممکن تقطعه حتى قبل ماتقراه لأنه عمره ماهيوفي جمايلك عليا رفع رأسه متحاشيا النظر إليها ثم قال بعد برهة
أنا كنت عارف وكنت مستني النهاية دي جزء متغابي جوايا

كان بینکرها مفيش داعي تحملي نفسك الذنب كله لوحدك نظرت له ثم قالت
أنت اسم على مسمی فعلا فمد يده ليصافحها قبل أن ينصرف
أتمنى أسمع عنك كل خير 
لقد تخطى الأمر مجرد حاډث مرور غير متعمدة بمتجر البقالة القريب وإن كانت كاذبة أوانتظار داخل سيارته أمام البناية التي تسكنها فهو الآن واقفا ببابها يستأذن للدخول بشحمه ولحمه بعد أن أمضي عدة أيام سرا يراقبها حتى اطمأن لاختفاء العقيد من حياتها دون رجعة عقدت حاجبيها وهي تتأرجح بين الرفض والقبول وكانت توشك بالفعل على غلق الباب والرفض القاطع إلا أن صيحة صغيرها المرحبة به فور أن رآه وتعرف عليه
عمو أسامة جعلتها تتراجع خطوتين للخلف وتسمح له بالعبور لمملكتها المقدسة ظلت صامتة تراقبه وهو يداعب الصغير وقد حمل له بعض الحلوى وأحيانا يسترق الأنظار لوجهها الخالي من أي تعبير فهو كان تحت المراقبة حتى أمرت صغیرها بهدوء بالانصراف إلى غرفته فرفع أنظاره إليها وهز رأسه وانصرف شاكرا لهدية العم الطيبة ولا تدري هي بأي سابقة استحق بها لقب العم والتفتت له وهي عاقدة الحاجبين كصقر ينتظر الانقضاض على فريسته
خیر جاي ليه 
فابتسم لها مشاكسا
طب على الأقل مش هتعزميني على فنجان قهوة 
لم تبتسم ولم تلن معالم وجهها قيد أنملة وقالت بصلابة
أدخل في الموضوع على طول یا باشمهندس لو سمحت أنا لولا أيهم ماكنتش دخلتك بيتي وأظن أنك تعرف في الأصول کویس ارتسم الضيق على ملامحه وزم شفتيه ثم قال
أنا عارف أني غلطت في حقك قبل كده بس محتاجك تسمعيني وأشرحلك . . . قاطعته
مش عاوزة أسمع حاجة ولو ده سبب الزيارة فتقدر تتفضل دلوقت لأني ماعنديش وقت أضيعه في لعبة القط والفار دي إحمر وجهه بحنقه البالغ وقال وهو ينفث غضبه
ماهو مش طريقة كلام دي یادرية أنا جاي لحد عندك أعتذرلك ضحكت بتهكم
ليه كنت دوست على رجلي لاسمح الله!
ظل صامتا لوهلة حتى تنهد قائلا
أنت مصممة تصعبي عليا الطريق حقك . عموما هختصر عشان ماضيعش وقتك أنا جاي النهاردة أطلب منك . . . . وصمت مترددا يحاول إيجاد صيغة أفضل لطلبه وهي تراقبه بعيون ضيقة وأوصال بدأت في التململ حتى قال هامسا
درية أنا محتاجلك وأنا آسف على الوقت اللي ضيعته قبل ما أعترف لنفسي الأول أني فعلا محتاجلك وأخرج من جيبة علبة مخملية تحمل خاتما للزواج وفتحها وهو يقول راجيا
من النهاردة مافيش لعبة قط وفار من النهاردة بكل الوضوح اللي في الدنيا بطلب منك تقبلي تتجوزيني 
لم تعلو وجهها ملامح الدهشة كما كان يتوقع أو الفرح كما كان يأمل بل تلك التقطيبة اللعېنة التي تزين حاجبيها کناظرة مدرسة ابتدائي في الخمسينات من عمرها ترمق طالبا مشاكسا أخطأ مرات عديدة حتى قالت بصوت قاطع مختصر
لاء وتابعت رغم ملامح خيبة الأمل المعلنة على صفحة وجهه
أنت محتاج تلاقي نفسك الأول وفي الأصل أنا مش
 

تم نسخ الرابط